نثمن عاليا الخطابات القوية والتوجيهات الصارمة التي طبعت خطابات السيد رئيس الجمهورية، إبان زيارته الأخيرة لجميع مقاطعات الحوض الشرقي، خاصة تلك المتعلقة بنبذ القبلية السلبية وظاهرة الفساد المتعدد الجوانب.
وبقض النظر عن الماضي المجيد لهذه الولاية، التي تمثل حقا حضارة غنية متنقلة عبر التاريخ، قديما وحديثا، ومختبرا بشريا يختزل الوحدة الوطنية في ثمان مقاطعات.
فقط اود ان أتطرق بصفة موجزة إلى إشكالية "القبلية والفساد"، بصفتها متلازمة ظهرت اساسا منذ بداية الممارسة الديموقراطية في مطلع التسعينيات من القرن المنصرم، ومن هنا ارى ان القبيلة "الفطرية" خلقها الله للتعارف والتعايش وتلاقح العادات والقيم والتبادل الفكري والذهني، وكذالك لتداخل وتقاطع الأنساب عبر العلاقات الأجتماعية. وكانت بلاد شنقيط وموريتانيا حتي الثمانينيات من القرن الماضي تظهر صورة مجتمعية، ان لم اقل قبلية، تكاد تكون اسرة واحدة بضوابط اخلاقية عالية جدا، حتى كاد يمكن اعتبار تلك الأخلاق والعادات الطيبة "دستورا عرفيا" يحتكم اليه الجميع.
اما اليوم فيمكن القول إن "القبيلة الجدية – néo- tribu" والقبلية "المصطنعة" هما "اختراقان" من طرف المتحكمين في المال العام والقرار الإداري الوازن، وهنا يظهر الأختلال المزدوج الخطير بتهديده لدولة المواطنة ولحمة النسيج الأجتماعي، وذالك الخطر الذي اصبح تهديدا حقيقيا لكيان الدولة وديمومتها، هو الذي ركز عليه السيد الرئيس في عدة خطابات، لعله يجد آذانا صاغية تشعر بالتأثير السلبي لذالك على الوطن والمجتمع معا.
ان متلازمة القبلية والتبذير أخلقت "دولة داخل الدولة الأم"، والخطر هنا يكمن في ما يلي:
- النافذين المستغلين لثقة الدولة يحرفون المال العام عن مساره الصحيح، مما يحد من فعالية البرامج الإنمائية التي هي أساسا مستوحاة من تعهدات انتخابية رئاسية.
- بالمال العام وتجاوز السلطة تخلق جماعات "عمومية" واجهة ظرفية بدل الدولة وإداراتها المحلية، فيصبح الولاء الجماهري اكثر لتلك الجماعات، وتتسع الهوة بين القمة والقاعدة.
- بما ان التوظيف والتشغيل لا يمكن تعميمه على جميع المجموعات المعترف بها إداريا ومدنيا، تصبح الدولة ضحية من احتكروا أموالها وقراراتها، وفي هذه الحالة متهمة ربما ظلما بالمحسوبية والقبلية والجهوية، في الوقت الذي أعدت فيه سياساتها ورصدت أموالها لمكافحة تلك الانحرافات.
من الحلول الفعالة لمتلازمة "القبلية والتبذير" أساسا ما قاله السيد الرئيس:
- "لا تنمية ولا عدالة مع الفساد ومكافحته مسؤولية جماعية."
- "سنخسر حرب الفساد إذا لم نحارب حواضنه ألاجتماعية والأخلاقية والسياسية."
التوصية: التنفيذ الكامل لتوصيات رئيس الجمهورية ذات الصلة، وحملات تحسيسية وطنية شاملة لمؤازرة السيد الرئيس في هذا الأتجاه الصحيح.
د. زيدان ولد ملاي الزين






