في إطار التنظيم القانوني الذي تعتمده الدولة الموريتانية للقطاعين العسكري والأمني، تتوزع القوى النظامية إلى أجهزة متعددة تختلف من حيث تصنيفها القانوني، والجهة الوصية عليها، وطبيعة المهام المسندة إليها.
وبالنظر إلى ما لوحظ من قصور في الإلمام بهذه المعطيات لدى بعض المواطنين، بل وحتى لدى بعض منتسبي هذه الأجهزة نتيجة ضعف التكوين والتدريب وضآلة المعلومات القانونية التي يتلقونها، فإنني سأعرض فيما يلي بيانا تفصيليا يوضح التصنيف القانوني والاختصاصات الأساسية لكل جهاز على حدة
أولا: القوات المسلحة
وفقا للقوانين والنصوص المنظمة، تخضع القوات المسلحة لسلطة وزارة الدفاع الوطني، وتُعدّ الركيزة الأساسية لحماية السيادة الوطنية.
- الجيش الوطني:
قوة عسكرية بحتة، تضطلع بمهام الدفاع عن وحدة التراب الوطني، وتأمين الحدود البرية والبحرية والجوية.
- الدرك الوطني:
جهاز عسكري يتمتع بصلاحيات أمنية، يختص بالعمل في المناطق الريفية وعلى المحاور الطرقية، ويقوم بدور الشرطة العسكرية مع مساهمته في تطبيق القانون وضبط الأمن.
ثانيا: قوات الأمن
تُسند وصاية قوات الأمن إلى وزارة الداخلية واللامركزية، وتنقسم إلى صنفين رئيسيين:
1- القوات شبه العسكرية وهي الحرس الوطني؛ وهو جهاز أمني منظم على النسق العسكري، مكلف بحماية المنشآت الحيوية، دعم الشرطة في حفظ النظام، والمشاركة في إدارة الأزمات الأمنية.
2- القوات شبه المدنية وهي الشرطة الوطنية؛ وهي جهاز أمني مدني الطابع، مسؤول عن حفظ النظام العام، ومكافحة الجريمة، وإجراء التحقيقات، وتنفيذ القرارات القضائية والإدارية.
ثالثا: الحماية المدنية
الجهة الوصية عليه هي وزارة الداخلية واللامركزية، وطبيعته القانونية، هو جهاز مدني ذو تنظيم شبه عسكري، والمهام الموكلة إليه هي التدخل في حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية، وإطفاء الحرائق، والإنقاذ والإسعاف، وإدارة الأزمات ذات الطابع الإنساني، ويعتمد في تكوينه على الانضباط العسكري مع احتفاظه بوضعه المدني.
رابعا: الجمارك الوطنية
الجهة الوصية عليه هي وزارة المالية، أما تصنيف فهو جهاز مزدوج الطابع (شبه عسكري - شبه مدني)، ومهامه هي مراقبة الحدود الاقتصادية، وتحصيل الرسوم الجمركية، ومكافحة التهريب، وضبط البضائع المخالفة، ويتسم بعناصر من الانضباط العسكري مع ممارسة صلاحيات إدارية ومالية.
خامسا: الشرطة البيئية
الجهة الوصية عليها هي وزارة البيئة والتنمية المستدامة، وتصنيفها القانوني هو أنها جهاز مدني بحت، ومهامها هي مراقبة الأنشطة البيئية، وضبط المخالفات المتعلقة بالتلوث واستغلال الموارد الطبيعية، وتحرير المحاضر وتقديمها للسلطات القضائية المختصة، وهي جهاز رقابي يتمتع بصلاحيات ضبطية دون أي طابع عسكري.
وتنص الفقرة الثالثة من المادة الخامسة من القانون رقم 21/21، المعروف بقانون الرموز، نصا على ما يلي:
"ويُعتبر كذلك مساسا بالأمن الوطني تصوير ونشر وتوزيع صور أفراد أو تشكيلات القوات المسلحة، أثناء أداء مهامها، دون إذن صريح من القيادة المسؤولة، ويُعاقب على ارتكاب ذلك بالحبس من سنة (1) إلى سنتين (2) وبغرامة من مائة ألف (100.000) أوقية إلى مائة وخمسين ألف (150.000) أوقية."
وبالنظر إلى صراحة هذا النص، يتبين بوضوح أن نطاق تطبيقه مقصور على الفئة الأولى من القوى النظامية، والمتمثلة في القوات المسلحة (الجيش والدرك الوطني). وأي تأويل أو تطبيق مخالف لذلك يعدّ خطأ جسيما يشكل مظهرا من الجهل بالقانون، ويمثل اعتداءً على مبدأ الشرعية، فضلا عن كونه انتهاكا صريحا لحقوق الإنسان.
عالي محمد ولد أبنو
رئيس اللجنة الاعلامية باللجنة الوطنية لحقوق الإنسان