في قلب مدينة أطار، حيث الصحراء تتنفس تاريخًا وحكايا، انطلقت فعاليات موسم السياحة الداخلية وسط أجواء احتفالية زاهية، خُيّل للزائر أنها ترسم مشهدًا من الفرح الخالص.
أضواء المهرجان تمايلت على أنغام الفنانة گرمي منت آبه، بينما اختارت الحشود الرقص كوسيلة للتعبير، بديلًا عن الاحتجاج، والغناء بدلًا من الصراخ في وجه أزمة تنموية أضحت مزمنة، وكهرباء تأبى الاستقرار.
كانت سهرة البارحة صاخبة بالحضور، لكن الصخب لم يكن كافيًا لحجب تساؤلات حادة تتسلل بصمت: أين هم وجوه أطار المعروفة؟
ولماذا غابت الفرق المحلية عن منصة يفترض أنها وُجدت للاحتفاء بالمنتج الوطني؟ بدا كل شيء – من المنصة إلى الأنوار، ومن الأداء إلى التنظيم – وكأنه قادم من خارج المدينة، على الرغم من أن الشعار المرفوع كان: "دعم المنتوج المحلي".
ذلك الغياب المحلي لم يكن مجرد تفصيل هامشي، بل علامة واضحة على تناقض جوهري في مضمون المهرجان؛ بين ما يُرفع من شعارات، وما يُجسّد على الأرض.
ورغم أن المهرجان ضخّ شيئًا من الحيوية في شرايين السوق، محرّكًا الفنادق والنزل من سباتها، إلا أن أثره ظل هامشيًا، أقرب إلى رشفة ماء في صيف أطار القائظ.
لكن، وسط كل هذا، كان هناك مشهد سرق القلوب, دخول الجمالة إلى ساحة العرض، بخطى واثقة تعانق الأرض على أنغام گرمي، لحظة خاطفة جمعت بين البهجة والدهشة والحسرة, كأنها استدعاء لذاكرة زمنٍ كانت فيه أطار تنبض بالحياة، لا تنتظر مهرجانًا ليُذكر الناس أنها ما زالت على قيد الوجود.
ومع انطفاء أنوار المهرجان، تعود المدينة إلى صمتها الطويل. يعود السكان إلى يومياتهم التي لا تعرف الضوء، ويواصلون رقصهم الليلي فوق جراحهم، يغنون للكهرباء الغائبة، ولتنمية تتعثر كل مرة، ولوعود بقيت على الورق.
أما صوت گرمي، فقد بقي معلقًا في الهواء, ليس كذكرى فنية عابرة، بل كصدى لأمل مؤجل، أو كعزاء لا يملك أن يغيّر شيئًا، سوى أنه يُخفف قليلاً من وطأة الانتظار.