في مدينة أطار، كما في عموم ولاية آدرار، تحوّلت منصات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها فيسبوك، إلى ساحات يراقبها بعض المسؤولين المحليين كما لو كانت نشرة استخبارات، لا نافذة على نبض الشارع.
فبدلًا من أن تكون هذه المنصات وسيلة لرصد مكامن الخلل والتفاعل مع شكاوى المواطنين، أصبحت في نظر بعض مسؤولي المؤسسات الخدمية ساحةً لحرب الولاءات وتصفية الحسابات.
في مشهد يعكس بؤس الفهم لطبيعة المسؤولية العامة، تجد هؤلاء المسؤولين يُمعنون التحديق في المنشورات والتعليقات بحثًا عن "نقد" قد يُحرجهم أو يشكك في كفاءتهم.
فإن مرّ المنشور هادئًا أو تملُّقيًا، مرّ مرور الكرام، أما إن جاء محمَّلًا بنقد بنّاء، فإن صواعق الردود تهطل، غالبًا بتعليقات لا تخلُ من نبرة متشنجة أو حتى تهديد مبطّن، وكأن منصبهم إرثٌ خاص لا يجوز الاقتراب منه.
وفي مشهد أكثر عبثية، يحتفظ بعضهم بلقطات شاشة لمنشورات وتعليقات تُرفع لاحقًا إلى مرجعياتهم الإدارية في ممارسة لا تليق بمقام المسؤولية.
بينما يُفترض في من يتولى الشأن العام أن يتحلى بسعة الصدر، ويصغي إلى المواطنين لا أن يراقبهم من وراء الشاشات.
المؤسف أن هذه العقلية – عقلية "مسؤول فيسبوك" – لا تفرق بين النقد والمكايدة، ولا بين النصيحة والهجوم، فتراها تستنفر ضد أي صوت خارج عن سرب التطبيل، بدلًا من أن تفتح أبوابها لسماع أصوات المواطنين الذين وُجدت هذه المؤسسات لخدمتهم، لا لمراقبتهم أو محاسبتهم على آرائهم.
في المقابل، تسطع نماذج مشرّفة في تعاملها مع النقد والشفافية، كما هو حال القائمين على منصة "عين" الحكومية، الذين يُضرب بهم المثل في الإنصات الجاد ومتابعة الشكاوى دون تحامل أو تهرّب.
إنهم نموذج لما يجب أن يكون عليه المسؤول العمومي، إصغاءً لا تجسسًا، واحتواءً لا تهديدًا.
وفي هذا الإطار، نعلن بوضوح أننا سنواصل إيصال شكاوى المواطنين في ولاية آدرار عبر القنوات الرسمية النزيهة، وسنتجاوز تلك العيون المتربصة خلف الشاشات، فصوت المواطن أمانة، والنقد البناء واجب، ولا مكان في الإدارة الحديثة لمن يخشى الكلمة الصادقة أو يهاب مرآة الحقيقة.
ختاتما:
إذا أراد المسؤول في آدرار أو غيرها أن يكون في موقع الثقة والاحترام، فليتعلّم أولًا أن النقد مرآة لا سيف، وأن المواطن حين يكتب، يكتب عن وجعه لا عن غريمه.
فليكن الإصغاء شيمته، والتواضع دليله، والضمير بوصلته.