قبل عقد من الزمن، تم تنصيب هيئة لتنظيم قطاع النقل بولاية آدرار، حيث كان يُعتقد أن هذه الهيئة ستقوم بإجراء إصلاحات جذرية في قطاع النقل الذي يعد من أكثر القطاعات ارتباطًا بحياة المواطنين اليومية.
تم تأسيس مكاتب محلية، وكان من المتوقع أن تُسهم الهيئة في تنظيم هذا القطاع الحيوي وتحقيق التوازن بين احتياجات المواطنين وحقوقهم، وكذلك تقديم خدمات أكثر أمانًا وراحة.
لكن بعد مرور هذه الفترة الطويلة، تبين أن الهيئة لم تتمكن من تحقيق أهدافها، وبدلاً من أن يحدث تحسن ملحوظ، تدهور الوضع بشكل كبير.
أبرز الإخفاقات التي شهدها القطاع خلال العقد الماضي:
- عدم تحديد أسعار النقل: من بين أكبر الإخفاقات التي شهدها قطاع النقل في ولاية آدرار هو عدم تحديد الهيئة لأسعار النقل. ونتيجة لذلك، أصبح السوق غير منظم، إذ يظل تحديد الأسعار بيد السائقين والتجار، مما يخلق تفاوتًا في الأسعار ويزيد من معاناة المواطنين الذين لا يجدون ضوابط تحكم هذه العملية.
- غياب الرقابة على الحمولة: لم تقم الهيئة بتحديد أو مراقبة الحمولات التي تحملها السيارات في الرحلات, هذا أدى إلى تجاوزات كبيرة في الحمولة، مما يؤثر سلبًا على سلامة المركبات ويعرض حياة الركاب للخطر, لم يتم فرض أي قيود على الحمولة التي يمكن أن تحملها السيارات، مما يترك المجال مفتوحًا للتجاوزات التي تضر بالبنية التحتية وتؤثر على بيئة النقل بشكل عام.
التجاهل للوضع "الانتحاري" لأساليب النقل: في العديد من الحالات، كانت الهيئة تتفرج على أساليب النقل المتهورة والتي كانت تهدد سلامة الركاب والسائقين على حد سواء.
لم يكن هناك تدخل حاسم من الهيئة في مواجهة أساليب النقل غير الآمنة، مثل التجاوزات الخطرة على الطرق والاكتظاظ، مما ساهم في زيادة الحوادث.
فشل الهيئة في تنظيم القطاع: على الرغم من أن الهيئة كانت تهدف إلى تنظيم القطاع، إلا أنها فشلت في فرض أي نوع من التنظيم الفعلي.
لم تستطع فرض ضوابط للسلامة أو ضمان الالتزام بالقوانين، مما جعل التجار والسائقين هم من يحددون القواعد بأنفسهم.
بقيت الأمور عشوائية وغير منظمة، مما أثر على سمعة قطاع النقل في الولاية.
- غياب لمسة حضرية في القطاع: لم تنجح الهيئة في إضفاء أي لمسة حضرية على قطاع النقل. ظلت البنية التحتية للقطاع قاصرة على الأساليب التقليدية وغير المنظمّة، وافتقدت إلى التحديث والتطوير، سواء في الوسائل المستخدمة أو في عمليات التنظيم.
عدم فرض قواعد للسلامة: لم تقم الهيئة بفرض أي قواعد سلامة هامة أو إجراءات فعالة لضمان حماية الركاب والسائقين.
على الرغم من أهمية هذا القطاع في حياة المواطنين، فإن الهيئة لم تضع سياسات فعالة للتقليل من الحوادث أو لتحسين مستوى السلامة على الطرقات.
فشل الهيئة في التواصل مع الرأي العام: من أهم الفشل الذي شاب عمل الهيئة هو عدم قدرتها على التواصل مع الرأي العام. لم يكن هناك وعي شعبي حول دور الهيئة أو وجودها في الولاية.
وبالتالي، لم يتمكن المواطنون من الاستفادة من الخدمات أو المبادرات التي كانت الهيئة قد تهدف إلى تنفيذها.
باختصار، رغم مرور أكثر من عقد على إنشاء هيئة تنظيم النقل بولاية آدرار، فإن القطاع لم يشهد أي تحسن ملموس. الهيئة فشلت في تحقيق أهدافها، بل أدى غياب التنظيم والمراقبة إلى تدهور الأوضاع.
بدلًا من أن تكون الهيئة عاملاً فاعلاً في تحسين ظروف النقل، تحولت إلى مجرد جهاز إداري يقتصر دوره على جمع الأموال من السائقين في نقاط التفتيش دون أن تضيف قيمة حقيقية للقطاع.
في النهاية، بقي قطاع النقل في ولاية آدرار يعاني من الفوضى وعدم التنظيم، مما يضر بالمواطنين ويؤثر على حياتهم بشكل يومي.